سقمت بصائرهم والتبست عليهم أمارات الحدوث ، فخلطوا فى عقائدهم استحقاق أوصاف القدم بنعوت الحدوث!
قوله جلّ ذكره : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤))
بلغ الخذلان بهم حدا أن كابروا الضرورة فحكموا للواحد بأنه ثلاثة ، ولا يخفى فساد هذا على مجنون .. فكيف على عاقل؟!
قوله : (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لم يغلق باب التوبة عليهم ـ مع قبيح أقوالهم ، وفساد عقائدهم ـ تضعيفا (١) لآمال المؤمنين بخصائص رحمته.
قوله جل ذكره : (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥))
من اشتملت عليه الأرحام ، وتناوبته الآثار المتعاقبة أنّى يليق بوصف الإلهية؟
ثم من مسّته الحاجة حتى اتصف بالأكل وأصابته الضرورة إلى أن يخلص من بقايا الطعام فأنّى يليق به استيجاب العبادة والتسمية بالإلهية؟
انظر ـ يا محمد ـ كيف نزيد فى إيضاح الحجة وكيف تلبّس عليهم سلوك المحجة؟
__________________
(١) تضعيفا أي جعلها مضاعفة.