ما كان ، فإنّ تقلب العبد فى قبض القدرة ، وهو فى أسر التقلّب ، وليس للطمع فى الكون مساغ بحال.
قوله جل ذكره : (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨))
العصا ـ وإن كانت معه من زمن ـ فيده أخص به لأنها عضو له ، فكاشفه أولا (١) برسم من رسمه ثم أشهده من ذاته فى ذاته ما عرف أنه أولى به منه ، فلما رأى انقلاب وصف فى يده علم أنه ليس بشىء من أمره بيده.
قوله جل ذكره : (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (١١٠))
إذا أراد الله هوان عبد لا يزيد الحقّ حجّة إلا ويزيد لذلك المبطل فيه شبهة ؛ فكلّما زاد موسى ـ عليهالسلام ـ فى إظهار المعجزات ازدادوا حيرة فى التأويلات.
قوله جل ذكره : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢))
توهّم الناس أنهم بالتأخير ، وتقديم التدبير ، وبذل الجهد والتشمير يغيّرون شيئا من التقدير بالتقديم أو بالتأخير ، ولم يعلموا أن القضاء غالب ، وأنّ الحكم سابق ، وعند حلول الحكم فلا سلطان للعلم والفهم ، والتسرع (٢) والحلم .. كلا ، بل هو الله الواحد القهار العلّام.
__________________
(١) فى هذه الإشارة نلحظ تأثر القشيري بالمكاشفة ، فالحق سبحانه يتجلى للعبد اولا بنعت من نعوت صفاته ثم يتجلى له بنعت من نعوت ذاته.
(٢) وردت (التشرع) حيث التبست علامة التضعيف التي على السين على الناسخ ، والتسرع مقبول فى السياق لأنه يقابل الحلم.