قوله جل ذكره : (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤) قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦))
ظنوا أنهم يغلبون بما يسحرون ، ولم يعلموا أن تأثير القدرة فيهم أغلب من تأثير سحرهم ، وأنه لا يرد عنهم ما زوّروه فى أنفسهم من فنون مكرهم فكادوا وكيد لهم ، فهو كما قيل :
ورمانى بأسهم صائبات |
|
وتعمدته بسهم فطاشا |
فبيناهم فى توهّم أنّ الغلبة لهم فتح عليهم ـ من مكامن القدرة ـ جيش ، فوجدوا أنفسهم ـ فى فتح القدرة ـ مقهورين بسيف المشيئة.
قوله جل ذكره : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (١١٩) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (١٢٠) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (١٢٢))
موّهوا بسحرهم أنهم غلبوا ، فأدخل الله ـ سبحانه ـ على تمويهاتهم قهر الحق وطاشت تلك الحيل ، وخاب منهم الأمل ، وجذب الحقّ ـ سبحانه ـ أسرارهم على الوهله فأصبحوا فى صدر العداوة ، وكانوا ـ فى التحقيق ـ من أهل الود. فسبحان من يبرز