مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣))
وصفهم بالتوبة بعد عمل السيئات ثم بالإيمان بعدها ، ثم قال : (مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ). والإيمان الذي هو بعد التوبة يحتمل آمنوا بأنه يقبل التوبة ، أو آمنوا بأن الحق سبحانه لم يضرّه عصيان ، أو آمنوا بأنهم لا ينجون بتوبتهم من دون فضل الله ، أو آمنوا أي عدّوا ما سبق منهم من نقض العهد شركا.
ويقال استداموا للإيمان فكان موافاتهم على الإيمان.
أو آمنوا بأنهم لو عادوا إلى ترك العهد وتضييع الأمر سقطوا من عين الله ، إذ ليس كل مرة تسلم الجرة.
قوله جل ذكره : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤))
تشير إلى حسن إمهاله ـ سبحانه ـ للعبد إذا تغيّر عن حدّ التمييز ، وغلب عليه ما لا يطيق ردّه من بواده الغيب.
وإذا كانت حالة الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ أنه يغلبهم ما يعطلهم عن الاختيار فكيف الظن بمن دونهم (١)؟
قوله جل ذكره : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥))
__________________
(١) يستشفع القشيري للواله إذا خرج عن حد التمييز إن كان صادقا وله عذر.