رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣))
من شاهد الحقّ من حيث الخلق سقط فى مهواة المغاليط ، فهو فى متاهات الشّكّ يجوب منازل الرّيب ، ولا يزداد إلا عمىّ على عمى. ومن طالع الخلق بعين تصريف القدرة إياهم تحقق بأنهم لا يظهرون إلا فى معرض اختيار الحق لهم ، فهو ينظر بنور البصيرة ، ويستديم شهود التصريف بوصف السكينة.
قوله جل ذكره : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤))
استمعوا بسمع الإيمان والتصديق ، وأنصتوا (بصون) الخواطر عن معارضات الاعتراض ، ومطالبات الاستكشاف. ومن باشر التحقيق سرّه لازم التصديق قلبه.
والإنصات ـ فى الظاهر ـ من آداب أهل الباب ، والإنصات ـ بالسرائر ـ من آداب أهل البساط ، قال الله تعالى فى نعت تواصى الجنّ بعضهم لبعض عند شهود الرسول صلىاللهعليهوسلم «فلما حضروه قالوا أنصتوا» (١) ؛ فإذا كان الحضور إلى الواسطة عليهالسلام يوجب هذه الهيبة فلزوم الهيبة وحفظ الأدب عند حضور القلب بشهود الربّ أولى وأحق ، قال تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) (٢).
قوله جل ذكره : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥))
(٣) التضرع إذا كوشف العبد بوصف الجمال فى أوان البسط ، والخيفة إذا كوشف بنعت الجلال فى أحوال الهيبة ، وهذا للأكابر.
__________________
(١) آية ٢٩ سورة الأحقاف.
(٢) آية ١٠٨ سورة طه.
(٣) أخطأ الناسخ إذ كتبها (الغافلون).