قوله جل ذكره : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ).
أي أجيبوا لأمر الله ، ولا تطيعوا دواعى مناكم والحكم بمقتضى أحوالكم ، وابتغوا إيثار رضاء الحقّ على مراد النّفس ، وأصلحوا ذات بينكم ، وذلك بالانسلاخ عن شحّ النّفس ، وإيثار حقّ الغير على ما لكم من النصيب والحظّ ، وتنقية القلوب عن خفايا الحسد والحقد.
قوله جل ذكره : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) :
أي فى الإجابة إلى ما يأتيكم من الإرشاد.
قوله جل ذكره : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
أي سبيل المؤمن ألا يخالف هذه الجملة.
قوله جل ذكره : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢))
الوجل شدّة الخوف ، ومعناه هاهنا أن يخرجهم الوجل عن أوطان الغفلة ، ويزعجهم عن مساكن الغيبة. فإذا انفصلوا عن أودية التفرقة وفاءوا إلى مشاهد الذكر نالوا السكون إلى الله ـ عزوجل ؛ فيزيدهم ما يتلى عليهم من آياته تصديقا على تصديق ، وتحقيقا على تحقيق. فإذا طالعوا جلال قدره ، وأيقنوا قصورهم عن إدراكه ، توكلوا عليه فى إمدادهم بالرعاية فى نهايتهم ، كما استخلصهم بالعناية فى بدايتهم.
ويقال سنّة الحقّ ـ سبحانه ـ مع أهل العرفان أن يردّدهم بين كشف جلال ولطف جمال ، فإذا كاشفهم بجلاله وجلت قلوبهم ، (وإذا لاطفهم بجماله سكنت قلوبهم ، قال الله تعالى : (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ) بذكر الله». ويقال وجلت قلوبهم) (١) بخوف فراقه ، ثم تطمئن وتسكن أسرارهم بروح وصاله. وذكر الفراق يفنيهم وذكر الوصال يصحيهم ويحييهم.
__________________
(١) ما بين القوسين مذكور فى الهامش أثبتناه فى موضعه من النص حسب العلامة المميزة.