والثانى : أن يكون أصلها ذرّيرة ثم أبدل من الراء الأخيرة ياء كما قالوا : تظنيت فى تظننت ، لاجتماع النونات ، (فاجتمع الياء والواو والسابق منهما ساكن فقلبوا الواو ياء) (١) ، وجعلوهما ياء مشددة.
والثالث : أن يكون (ذرية) منسوبة إلى الذرّ ، فتكون الياء ان زائدتين للنسب ، ووزنها فعليّة ، وضموا الذال من ذرية فى النسب إلى الذّر كما ضموا الدال من دهرى فى النسب إلى الدهر إذا أرادوا به الرجل المسن ، وتكون الضمة من تغيير النسب والتغيير فى النسب جاء كثيرا على خلاف القياس المتلئبّ (٢) المطرد فى كلامهم.
والرابع : أن يكون أصلها ذروّة على وزن فعولة من ذروت ، ثم فعل بها مثل ما فعل فى الوجه الأول (٣). فأصابها إعصار ، صفة لجنة أيضا. وفيه نار ، صفة لإعصار وتقديره ، إعصار استقر فيه نار. ونار ، يرتفع بالظرف على ما قدمنا من الخلاف. واحترقت ، معطوف على قوله : فأصابها. والتاء فى احترقت لتأنيث الجنة.
قوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا) (٢٦٧).
بتشديد التاء وتخفيفها ، فالتشديد لأن أصله (تتيمموا) ، فكرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد وهما التاءان فسكنوا التاء الأولى وأدغموها فى الثانية ، والتخفيف على حذف إحدى التاءين وقد قدمنا الخلاف فى أيتهما المحذوفة منهما ، فمن شدد لم يمكن أن يبتدئ تتيمموا دون (لا) لأنه يؤدى إلى أن يبتدئ بالساكن والابتداء بالساكن محال ، ولا يستحيل ذلك فيمن خفف.
قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) (٢٦٧).
أن وصلتها ، فى موضع نصب بآخذيه لأن التقدير ، بأن تغمضوا ، فلما حذفت الباء اتصل بآخذيه ، وقيل هو فى موضع جر بالياء المقدرة وقد قدمنا الخلاف فيه.
__________________
(١) لو أنه قال (فاجتمع ياءان فأبدلوهما ياءا مشددة) لكان أوفق.
(٢) المتلئب : الممتد المستقيم.
(٣) لا شبه بين الوجهين الأول والرابع كما يزعم.