قوله تعالى : (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ. وَيَعْلَمَ)(١)
بنصب الميم ، وإن كان على هذه القراءة كثير من القرّاء (٢) بخلاف (فيغفر) ، وقد فرّق بعض النحويين بينهما فقال : إنما قوى النصب فى (ويعلم) لأنه قد وجد مع جواز النصب سبب آخر ، وهو فتح اللام قبل الميم ، فلما اجتمع سببان قوى النصب الذى كان ضعيفا مع سبب واحد ؛ فلهذا كثرت القراءة بالنصب فى (ويعلم) ولم تكثر فى (فيغفر) لأن الفاء فى (فيغفر) مكسورة لا مفتوحة فبان الفرق.
قوله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) (٢٨٥).
والمؤمنون ، فى رفعه وجهان :
أحدهما : أنه مرفوع لأنه معطوف على (الرسول) فكأنه قال : آمن الرسول والمؤمنون.
والثانى : أن يكون مرفوعا لأنه مبتدأ. (وكلّ (٣)) ، مبتدأ ثان. وآمن بالله ، خبره. والجملة من المبتدأ والخبر خبر المبتدأ الأول ، وهو (المؤمنون) والعائد من الجملة إليه محذوف وتقديره ، كلهم آمن بالله. فحذف المضاف إليه وهو فى حكم المنطوق به ، ولهذا جاز أن يكون مبتدأ. وقال : (آمن) بالإفراد ولم يقل آمنوا بالجمع حملا على لفظ كل ، لأن كلا فيه إفراد لفظى وجمع معنوى ، ولهذا يجوز أن نقول : كل القوم ضربته. حملا على اللفظ ، وكل القوم ضربتهم حملا على المعنى ، و (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ
__________________
(١) ٣٤ ، ٣٥ سورة الشورى.
(٢) (القراءة) فى أ ، ب.
(٣) ساقطة من ب.