قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) (٩٠).
إلّا الذين يصلون ، استثناء من الهاء والميم فى (واقتلوهم) وهو استثناء موجب. وحصرت صدورهم ، جملة فعلية وفى موضعها وجهان :
أحدهما : أن يكون فى موضع جر لأنها صفة لمجرور فى أوّل الآية وهو قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ).
والثانى : أن يكون فى موضع نصب لأنها صفة لقوم مقدر وتقديره ، أو جاءوكم / قوما حصرت صدورهم ، والفعل الماضى إذا وقع صفة لموصوف محذوف جاز أن يقع حالا بالإجماع.
وذهب الكوفيون والأخفش من البصريين إلى أن الماضى يجوز أن يقع حالا على الإطلاق وقد بيّنا فساده وما فى الآية من الأوجه فى كتاب الإنصاف فى مسائل الخلاف (١).
ومن قرأ ، حصرة ، جعله اسما منصوبا على الحال من الواو فى (جاءوكم). وأن يقاتلوكم ، فى موضع نصب لأنه مفعول له.
قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ) (٩٠).
اللام فى (لسلطهم) جواب (لو) ، واللام فى لقاتلوكم ، تأكيد لجواب (لو) فى (لسلطهم) لأنها حوذيت بها ، وإلا فالمعنى فسلطهم عليكم فيقاتلوكم ، فزيدت للمحاذاة والازدواج ، ومن هذا قوله تعالى :
(لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)(٢).
__________________
(١) المسألة ٣٢ ح ١ ص ١٦٠ الإنصاف.
(٢) سورة النمل ٢١.