والثانى : إنما كان مبنيا لأنه أشبه الحرف ، لأنه لا يفيد مع كلمة واحدة ، كما أن الحرف لا يفيد مع كلمة واحدة ، لأنه يلزم إضافته إلى الجمل ، والجملة أقل ما تكون مركبة من كلمتين ، مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل ، فلما أشبه الحرف والحرف مبنى فكذلك ما أشبهه ، وبنيت على حركة لالتقاء الساكنين ، وفيها ست لغات :
بالياء مع الضم والفتح والكسر ، وبالواو مع الضم والفتح والكسر ، وهى :
حيث وحيث وحيث ، وحوث وحوث وحوث.
فمن بناها على الضم فلأنها أقوى الحركات تعويضا عمّا منعته من الإضافة إلى المفرد / ، ومن بناها على الفتح فلأنه أخف الحركات ، ومن بناها على الكسر فلأنه الأصل فى التقاء الساكنين وبناؤها على الضم أفصح اللغات ، وهى اللغة التى نزل بها القرآن.
قوله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٢٩).
الكاف فى (كما) فى موضع نصب لأنها صفة مصدر محذوف وتقديره ، تعودون عودا مثل ما بدأكم ، وقيل تقديره ، تخرجون خروجا مثل ما بدأكم.
قوله تعالى : (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) (٣٠).
فريقا الأول ، منصوب بهدى. وفريقا الثانى منصوب بتقدير فعل دل عليه ما بعده ، وتقديره ، وأضل فريقا حق عليهم الضلالة. ويجوز أن يكون منصوبا على الحال من المضمر فى (تعودون) ، وتقديره ، كما بدأكم تعودون فى هذه الحالة ، ويؤيد هذا قراءة أبىّ : تعودون فريقين فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة.
قوله تعالى : (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٣٢).
خالصة ، قرئ بالرفع والنصب ، فالرفع على أنه خبر ثان للمبتدأ وهو (هى) وهى ، مبتدأ. وللذين آمنوا ، خبره. وخالصة ، خبر ثان. والنصب على الحال من الضمير الذى