قوله تعالى : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٥١).
إنما قال : ذلك على خطاب الواحد ، ولم يقل : ذلكم على قياس اللغة الأخرى فى قوله : ذلكم بما قدمت أيديكم. فإن قياس هذه اللغة أن تجعل أول كلامك للمشار إليه الغائب ، وتؤخره للحاضر المخاطب وتأتى فى كل واحد منهما بعلامة التثنية والجمع والتأنيث ، إلا أنه أتى به ههنا بلفظ الواحد لأنه أراد به الجمع فكأنه قال : ذلك أيها الجمع. والجمع / بلفظ الواحد ، وهما لغتان جيدتان نزل بهما القرآن. وأن الله ، يجوز أن يكون فى موضع جر ونصب ورفع ، فالجر بالعطف على (ما) فى قوله تعالى : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) ، والنصب على تقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، وبأن الله. والرفع بالعطف على (ذلك) أو على تقدير (ذلك).
قوله تعالى : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) (٥٢).
الكاف فى (كدأب) صفة لمصدر محذوف ، وتقديره ، فعلنا ذلك بهم فعلا مثل عادتنا فى آل فرعون.
قوله تعالى : (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) (٥٨).
تقديره ، فانبذ إليهم العهد وقابلهم على إعلام منك لهم. فحذف. وفى هذه الآية من لطيف الحذف والاختصار ما يدل على فصاحة القرآن وبلاغته.
قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) (٥٩).
يحسبن ، قرئ بالتاء والياء ، فمن قرأ بالتاء كان (الذين كفروا) المفعول الأول ، وسبقوا المفعول الثانى ، كأنه قال : ولا تحسبن يا محمد الذين كفروا سابقين. ومن قرأ بالياء كان (الذين كفروا) فى موضع رفع لأنه الفاعل ، وسبقوا ، تقديره ، أنهم سبقوا.