فمن قرأ : «يخادعون» بالألف أراد به ازدواج الكلام والمطابقة لأن قبله (يخادعون الله) ليطابق لفظ المنفىّ لفظ المثبت ، لأنّه نفى بقوله : وما يخادعون ، ما أثبت لهم بقوله : (يُخادِعُونَ اللهَ). ومعنى (يخادعون الله) أى ، يفعلون فعل المخادع ، وإن كان الحقّ تعالى ، لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السّماء. وقيل : يخادعون الله ، أى ، يخادعون نبىّ الله. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، كقوله تعالى :
(وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ)(١)
أى ، حبّ العجل. وكقوله تعالى :
(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها)(٢)
أى ، أهل القرية وأهل العير وهذا كثير فى كلامهم.
قوله تعالى : (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (١٠)
«الباء» تتعلّق بفعل مقدّر ، والتقدير ، ولهم عذاب أليم استقرّ لهم بما كانوا يكذبون و «ما» مع الفعل بعدها فى تقدير المصدر ، والتقدير ، بكونهم يكذبون. و «يكذبون» جملة فعلية فى موضع نصب ، لأنّها خبر كان.
وفى «يكذبون». قراءتان ، التّخفيف والتّشديد ، فالتخفيف من كذب ، والتشديد من كذّب. وكذّب أبلغ من كذب ، لأن من كذّب الرّسل فقد كذب أيضا.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) (١١)
«إذا» ظرف زمان مستقبل ، وهو مبنىّ لثلاثة أوجه :
__________________
(١) سورة البقرة ٩٣
(٢) سورة يوسف ٨٢