وقد قرئ بالكسر على الأصل ، وقرئ بالفتح طلبا للخفّة ، وأجاز الكسائى همزها لانضمامها وهو ضعيف لأن الواو إنّما تقلب همزة إذا انضمّت ضمّا (١) لازما ، وهذه ضمة عارضة لالتقاء الساكنين ، فلا تقلب لأجلها همزة.
قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) (١٧)
إنما قال : (اسْتَوْقَدَ) و «ما حوله» (٢) بالإفراد. ثم قال : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ) بالجمع ، لأنّه نزّل (الّذى) منزلة (من) ، و (من) يردّ الضمير إليها تارة بالإفراد ، وتارة بالجمع ، ونظير هذه الآية. قوله تعالى :
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ)
بالإفراد ، ثم قال :
(أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(٣) بالجمع.
و «استوقد» فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون (استوقد) بمعنى (أوقد) كاستجاب بمعنى أجاب فيكون متعدّيا إلى مفعول واحد وهو قوله : نارا.
والثانى : أن تكون السّين فيه للطّلب فيكون متعدّيا إلى مفعولين ، والتقدير ، استوقد صاحبه. فصاحبه المفعول الأول ، ونارا المفعول الثانى ، (فَلَمَّا أَضاءَتْ) «لما» ظرف زمان ، والعامل فيه (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ). و «أضاءت» أصله ، أضوأت. لأنّه من الضّوء ، إلّا أنّهم نقلوا فتحة الواو إلى ما قبلها ، وقلبت ألفا لتحرّكها فى الأصل وانفتاح ما قبلها الآن ، فصار ، أضاءت. و «ما» اسم
__________________
(١) (ضمة) ب
(٢) (وما حولها) ب
(٣) سورة الزمر ٣٣