قلت : وهو قول يخالف ظاهر القرآن (١).
فإن قيل : ما الحكمة في اختصاص الآية باعتقال لسانه عن مخاطبة الناس فقط؟
قلت : ليوفّر زمانه على شكر هذه النعمة العظيمة ، والمنة الجسيمة.
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً) أي : ذكرا كثيرا. (وَسَبِّحْ) بمعنى : صلّ ، في قول عامة المفسّرين. وسميت الصلاة تسبيحا ؛ لاشتمالها على تنزيه الله تعالى وتسبيحه. والعشيّ : جمع عشيّة ، وهي من وقت نزول (٢) الشمس إلى أن تغيب (٣) ، والإبكار مصدر : أبكر يبكر. ويقال : بكّر يبكّر (٤) ، والمراد : ما بين طلوع الفجر إلى وقت الضحى.
(وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ (٤٢) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)(٤٤)
قوله : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ) وهو جبريل ، (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ) بالقبول
__________________
(١) قال النحاس : قول قتادة إن زكريا عوقب بترك الكلام ، قول مرغوب عنه ؛ لأن الله تعالى لم يخبرنا أنه أذنب ، ولا أنه نهاه عن هذا (إعراب القرآن للنحاس ١ / ٣٧٥).
(٢) أي : من الزوال ، وانظر : الماوردي (١ / ٣٩١).
(٣) انظر : تفسير مجاهد (ص : ١٢٧).
(٤) انظر : اللسان ، مادة : (بكر).