ذهب أكثر متأخري العلماء إلى أن المراد بالحقّ : الزكاة.
قال القاضي أبو يعلى ابن الفراء : فائدة ذكر الحصاد : أن الحق لا يجب فيه بنفس خروجه وبلوغه ، وإنما يجب يوم حصوله في يد صاحبه ، وقد كان يجوز أن يتوهم أن الحق يلزم بنفس نباته قبل قطعه ، فأفادت الآية أن الوجوب فيما يحصل في اليد دون ما يتلف.
وقال أيضا : «اليوم» ظرف للحقّ لا للإيتاء ، فكأنه قال : وآتوا حقه الذي وجب يوم حصاده بعد التنقية.
وقال الواحدي (١) : هذا في النخيل ؛ لأن ثمارها إذا حصدت وجب إخراج ما يجب فيها من الصدقة. والزرع محمول عليه في وجوب الإخراج ، إلا أنه لا يمكن ذلك عند الحصاد ، فيؤخر إلى زمان التنقية.
وقال صاحب الكشاف (٢) : معناه : اعزموا على إيتاء الحق واقصدوه واهتموا به يوم الحصاد ، حتى لا تأخروه عن أول وقت يمكن فيه الإيتاء.
وهذه الفوائد في نهاية ما يكون من الحسن.
ويجوز عندي ـ والله أعلم ـ أن يقال : العرب توقع اليوم على الزمان ، فيقولون : كان ذلك يوم بعاث ، ويوم صفين (٣) ، وقد قررنا ذلك فيما مضى.
__________________
(١) الوسيط (٢ / ٣٣٠).
(٢) الكشاف (٢ / ٦٩).
(٣) يوم بعاث : كان فيه حرب بين الأوس والخزرج في الجاهلية ، وهو يوم من مشاهير أيام العرب (انظر : اللسان ، مادة : بعث). وكان الظهور فيه للأوس. ـ