شفا جرف هار في قلة الثّبات والاستمساك. وضع شفا الجرف في مقابلة التقوى ؛ لأنه جعل مجازا عما ينافي التقوى.
فإن قلت : فما معنى قوله : (فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ)؟
قلت : لما جعل الجرف الهائر [مجازا عن الباطل قيل : فانهار به في نار جهنم ، على معنى](١) : فطاح به الباطل في نار جهنم ، إلا أنه رشح المجاز ، فجيء بلفظ الانهيار الذي هو للجرف.
قال الزجاج (٢) : وهذا مثل. المعنى : أن بناء هذا المسجد الذي بني ضرارا وكفرا كبناء على جرف جهنم يتهور بأهله فيها.
قال قتادة : ذكر لنا أنهم حفروا حفرة في مسجد الضرار فرؤي فيها الدخان (٣).
قال جابر : رأيت الدخان يخرج منه (٤).
قوله تعالى : (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ) قال ابن عباس : شكا ونفاقا في قلوبهم ؛ لأنهم كانوا يحسبون أنهم محسنون في بنائه (٥).
__________________
(١) زيادة من الكشاف (٢ / ٢٩٧).
(٢) معاني الزجاج (٢ / ٤٧٠).
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٣٢) ، وابن أبي حاتم (٦ / ١٨٨٤). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٢٩٣) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٣٣) ، وابن أبي حاتم (٦ / ١٨٨٤) ، والحاكم (٤ / ٦٣٨). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٢٩٣) وعزاه لمسدد في مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٦ / ١٨٨٥). وانظر : الطبري (١١ / ٣٣). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٢٩٣) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.