مبتدأ محذوف (١) ، أي : الأمر ذلك.
(أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ) تعليل ، أي : الأمر ما قصصنا عليك لانتفاء كون ربك مهلك القرى بظلم.
فعلى هذا (أَنْ) هي التي تنصب الأفعال. ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة ، على معنى : لأنّ الشأن والحديث لم يكن ربك مهلك القرى بظلم. ولك أن تجعله بدلا من «ذلك» ؛ كقوله : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ)(٢) [الحجر : ٦٦].
وقوله : (بِظُلْمٍ) قال ابن عباس : بشرك (٣).
وقيل : بذنوبهم ومعاصيهم.
فعلى هذا : المعنى : بسبب ظلم.
ويجوز أن يكون حالا ، على معنى : لم يكن ربك مهلك القرى ظالما لهم حتى يوقظهم من غفلتهم ويرشدهم إلى طريق النجاة.
فإن قيل : قد ثبت بالبرهان القطعي أن الظلم مستحيل على الله ، وأنه لو أهلكهم قبل إنذارهم لم يكن ظالما لهم ، فكيف يصح هذا المعنى؟
قلت : لما كانت العقوبة قبل الإنذار ظلما في عرف الناس بعضهم مع بعض وفيما يتوهمه الجاهلون مما يجوز على الله وما لا يجوز ، خاطبهم بما يتعارفون وعلى ما يعتقده الجاهلون منهم ومن غيرهم.
__________________
(١) انظر : التبيان (١ / ٢٦١) ، والدر المصون (٣ / ١٨٢).
(٢) وهو قول الزمخشري في الكشاف (٢ / ٦٣).
(٣) الطبري (٨ / ٣٧) بلا نسبة ، وزاد المسير (٣ / ١٢٦).