(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
فإن قيل : لأي معنى قال هاهنا : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)؟ وقال في آخر النمل : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [٩١]؟.
قلت : تقدمها قوله تعالى : (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) ، ثم قال بعده : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ) منهم ، فأقام المظهر موضع المضمر. وفي النمل تقدمها قوله : (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) [النمل : ٨١] ، فكأنه قال : وأمرت أن أكون ممن إذا سمع آيات الله آمن بها وكان من المسلمين.
قوله تعالى : (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ) عطف على ما قبله بتأويل المصدر (١) ، التقدير : أمرت بالكون من المؤمنين ، وبإقامة الوجه للدين ، والمعنى : استقم ولا تلتفت يمينا ولا شمالا.
قال ابن عباس : أقم عملك (٢).
(حَنِيفاً) حال من «الوجه» أو «الدين» (٣).
قوله تعالى : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ) يعني : لا ينفعك إن دعوته (وَلا يَضُرُّكَ) إن تركت دعاءه ، (فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) الواضعين الدعاء في غير موضعه.
__________________
(١) التبيان (١ / ٢٤٧) ، والدر المصون (٤ / ٧٢ ـ ٧٣).
(٢) زاد المسير (٤ / ٧٠).
(٣) الدر المصون (٤ / ٧٣).