أذهب بصرك؟ وما الذي قوّس ظهرك؟ قال : أما الذي أذهب بصري فالبكاء على يوسف. وأما الذي قوّس ظهري فالحزن على بنيامين. فأتاه جبريل فقال : يا يعقوب! إن الله تعالى يقرئك السّلام ، ويقول لك : أما تستحيي أن تشكوا إلى غيري؟ فقال يعقوب : إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله. فقال جبريل : الله أعلم بما تشكوا يا يعقوب. ثم قال يعقوب : أي رب : أما ترحم الشيخ الكبير؟ أذهبت بصري وقوسّت ظهري ، فاردد عليّ ريحانتي ، أشمه شمة قبل الموت ، ثم اصنع بي يا رب ما شئت ، فأتاه جبريل فقال : يا يعقوب! إن الله تعالى يقرئك السّلام ويقول : أبشر [وليفرح](١) قلبك ، فوعزتي وجلالي لو كانا ميتين لنشرتهما لك ، اصنع طعاما للمساكين ، فإن أحبّ عبادي إليّ المساكين ، تدري لم أذهبت بصرك وقوّست ظهرك ، وصنع إخوة يوسف [به](٢) ما صنعوا؟ لأنكم ذبحتم شاة ، فأتاكم فلان المسكين وهو صائم فلم تطعموه منها. فكان يعقوب بعد ذلك إذا أراد الغداء أمر مناديا ينادي : ألا من أراد الغداء من المساكين فليتغدّ مع يعقوب ، وإذا كان صائما أمر مناديا فنادى : من كان صائما [من المساكين](٣) فليفطر مع يعقوب» (٤).
وقال وهب بن منبه : أوحى الله تعالى إلى يعقوب : أتدري لم عاقبتك وحبست عنك يوسف ثمانين سنة؟ قال : لا. قال : لأنك شويت عناقا وقتّرت (٥) على جارك
__________________
(١) في الأصل : ولفرح. والتصويب من المستدرك (٢ / ٣٧٨).
(٢) زيادة من المستدرك ، الموضع السابق.
(٣) مثل السابق.
(٤) أخرجه الحاكم في مستدركه (٢ / ٣٧٨ ح ٣٣٢٨). وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره (٢ / ٤٨٩) نقلا عن ابن أبي حاتم وقال : هذا حديث غريب فيه نكارة.
(٥) العناق : الأنثى من المعز (اللسان ، مادة : عنق). ـ