وأما الجر فظاهر ، والمعنى : وكم من آية في السموات والأرض دالة على وحدانية الله وقدرته (يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) لا يتدبرون ولا يتفكرون في عظمة خالقها وقدرته وسلطانه فينزهوه عن مشاركة الأصنام.
ويلوح لي : أن في هذا تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم ، حيث أعرضوا عنه ونفروا منه مع وضوح آياته ودلائل صدقه ، وقصصه عليهم أحاديث الأمم قبله.
المعنى : كم لي من آية في ملكي شاهدة بوحدانيتي يرونها فلا يعتبرون ولا يتدبرون ، فلا تعجب أنت يا محمد من إعراضهم عن التفكر في دلائل صدقك وبراهين نبوتك.
قوله تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) أي : ما يصدق أكثرهم فيقولون : الله خالقنا ورازقنا (إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) بعبادة الأوثان واعتقادهم إلهية عيسى.
قال ابن عباس : نزلت في تلبية مشركي العرب : لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك (١).
وقال الحسن : نزلت في المنافقين (٢).
ثم خوّفهم فقال : (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) أي : ما يغمّهم ويجللهم من العذاب (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بإتيانها.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٣ / ٧٨) عن الضحاك. وانظر : ابن أبي حاتم (٧ / ٢٢٠٨) ، وزاد المسير (٤ / ٢٩٤). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٩٣) وعزاه لابن جرير وابن المنذر عن الضحاك.
(٢) أخرج نحوه ابن أبي حاتم (٧ / ٢٢٠٧ ـ ٢٢٠٨). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٢٩٤) ، والسيوطي في الدر (٤ / ٥٩٣) وعزاه لأبي الشيخ.