فمقابلته له ب «صحوتم» يدل على إرادة «سكرتم».
والآخر : أنزف الرجل : إذا [نفد](١) شرابه ، ومعنى «أنزف» : صار ذا إنفاد لشرابه ، كما أن الأول معناه النفاد من عقله.
فمن قرأ بكسر الزاي : يجوز أن يراد به : لا يسكرون عن شربها. ويجوز أن يراد : لا ينفد ذلك عندهم ، كما ينفد شراب أهل الدنيا.
ومن فتح الزاي أراد : لا يسكرون ، وهو مثل : لا يضربون ، ليس «ينزفون» من أنزف ؛ لأن أنزف في كلا معنييه لا يتعدى إلى المفعول به ، وإذا لم يتعدّ إلى المفعول به لم ينبني له ، فإذا لم يجز ذلك علمت أن [ينزفون](٢) من نزف ، وهو منزوف ؛ إذا سكر.
قوله تعالى : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) وهنّ اللواتي قصرت أبصارهن على أزواجهن لا يمددنها إلى غيرهم ، ومنه قول امرئ القيس :
من القاصرات الطّرف لو دبّ محول |
|
من الذّرّ فوق الإتب منها لأثّرا (٣) |
قال أبو جعفر النحاس : العرب تقول لكل صغير : محول ومحيل ، وإن لم يأت عليه حول (٤).
__________________
ـ والطبري (٢٣ / ٥٥) ، وروح المعاني (٢٣ / ٨٨) ، ونسبه القرطبي في تفسيره للحطيئة (١٥ / ٧٩).
(١) في الأصل : نفذ. والتصويب من الحجة (٣ / ٣١٦).
(٢) في الأصل : منزفون. والتصويب من الحجة (٣ / ٣١٦).
(٣) البيت لامرئ القيس. انظر : ديوانه (ص : ٦٨) ، واللسان (مادة : قصر ، حول) ، والبحر (٧ / ٣٤٤) ، والدر المصون (٥ / ٥٠٢) ، والقرطبي (١٥ / ٨٠ ، ٢٢٠) ، وروح المعاني (٢٣ / ٨٩ ، ٢٧ / ١١٨ ، ٣٠ / ٢١٢) ، والماوردي (٥ / ٤٨).
(٤) انظر : اللسان (مادة : حول).