فقال : يا رب نجيتني من الظلمات ورزقتني ظل شجرة كنت أستظل بها [فأحرقتها](١) ، أفتسخر مني يا رب ، وبكى ، فأتاه جبريل فقال : يا يونس إن الله تعالى يقول : أنت زرعتها أم أنت أنبتّها؟ قال : لا ، قال : فبكاؤك حين تعلم أن الله تعالى قد أعطاكها ، فكيف دعوت على مائة ألف وزيادة عشرين ألفا أردت أن تهلكهم.
وقال ابن عباس : قال له جبريل : أتبكي على شجرة أنبتها الله تعالى لك ولا تبك على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم في غداة واحدة ، فعند ذلك عرف يونس ذنبه واستغفر ربه ، فغفر له.
وعن الزهري قال : لما قوي يونس عليهالسلام كان يخرج من الشجرة يمينا وشمالا ، فأتى على رجل يصنع الجرار ، فقال يونس : يا عبد الله ، ما عملك؟ قال : أصنع الجرار وأبيعها وأطلب فيها فضل الله تعالى ، فأوحى الله تعالى إلى يونس : قل له : يكسر جراره .. (٢) ، فقال يونس ذلك له ، فغضب الجرّار وقال : إنك رجل سوء ، تأمرني بالفساد ، تأمرني أن أكسر شيئا صنعته وعملته ورجوت خيره ، فأوحى الله تعالى إلى يونس : ألا ترى إلى هذا الجرّار كيف يغضب حيث أمرته بكسر ما صنع ، وأنت تأمرني بهلاك قومك ، فما الذي يشق عليك أن يصلح من قومك مائة ألف أو يزيدون.
قال الله تعالى : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) أي : من المصلّين من قبل أن تنزل البلية ، (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
__________________
(١) في الأصل : فاحترقتها.
(٢) كلمة غير مقروءة في الأصل.