قال ابن جني (١) : شيخنا أبو علي يحمله على أنه حذف لام «صال» تخفيفا ، وأعرب اللام بالضم ، كما حذفت لام البالة من قولهم : ما باليت به بالة ، وهي البالية كالعافية.
وذهب قطرب إلى أنه أراد به جمع «صال» ، أي : صالون ، فحذفت النون للإضافة ، وبقّى الواو [في](٢) «صالو» ، فحذفها من اللفظ لالتقاء الساكنين ، وحمل على معنى «من» ؛ لأنه جمع ، فهو كقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) [يونس : ٤٢].
قال ابن جني (٣) : وهذا حسن عندي. وقول أبي علي وجه مأخوذ به.
قوله تعالى : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) هذا قول الملائكة. والتقدير : وما منا أحد ، ولا بد من هذا المحذوف ليعود الضمير في قوله : «إلا له» إليه. والمعنى : إلا له مقام معلوم في العبادة ينتهي إليه ولا يتجاوزه ولا يقصر عنه ، كما يروى : أن منهم من هو راكع لا يقيم صلبه ، وساجد لا يرفع رأسه.
قال قتادة : كان الرجال والنساء يصلون جميعا حتى نزلت : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) ، فتقدم الرجال وتأخر النساء (٤).
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) يصفون أقدامهم في الصلاة ، أو أجنحتهم في الهواء ينتظرون أمر الله تعالى.
__________________
(١) المحتسب (٢ / ٢٢٨).
(٢) في الأصل : من. والتصويب من المحتسب ، الموضع السابق.
(٣) المحتسب (٢ / ٢٢٨).
(٤) ذكره الماوردي (٥ / ٧٢) ، والسيوطي في الدر المنثور (٧ / ١٣٦) وعزاه لابن أبي حاتم.