قوله تعالى : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) قال مقاتل (١) : الكلمة قوله تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة : ٢١].
وقال غيره : الكلمة قوله تعالى : (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ* وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ).
فإن قيل : هي كلمات ، فكيف سماها كلمة؟
قلت : قد ذكرنا فيما مضى أن العرب تقول عن القصيدة : كلمة فلان ، وقال فلان في كلمته ، وهاهنا أولى ؛ لانتظام الكلمات في معنى واحد ، فكأنه كلمة مفردة.
فإن قيل : هذه الآية تتعلق بغلبة الرسل ونصرهم على من ناوأهم ، وقد رأينا الحرب بينهم وبين أعدائهم سجالا ، ومنهم من قتل ، كما قال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ) [آل عمران : ١٤٦]؟
قلت : قال السدي : المعنى : إنهم لهم المنصورون بالحجج في الدنيا [والعذاب](٢) في الآخرة (٣).
وقال قتادة : هم المنصورون إما بالإيمان أو بالانتقام (٤) ، على أن العلة للرسل ولمن تبعهم في العاقبة ، وإن وقع في غضون الأمر خلاف ذلك ابتلاء وامتحانا.
وقد روي عن الحسن أنه قال : لم يقتل من الرسل أصحاب الشرائع أحد
__________________
(١) تفسير مقاتل (٣ / ١١٠).
(٢) في الأصل : والغدر. والتصويب من الماوردي (٥ / ٧٣).
(٣) ذكره الماوردي (٥ / ٧٣).
(٤) مثل السابق.