قال : فأتاه نداء من السماء : يا داود قد غفرت ذنبك ، ورحمت بكاءك ، وأقلتك عثرتك. قال : يا رب كيف تعفو عني وصاحبي لم يعف عني؟ قال : يا داود أعطيه يوم القيامة من الثواب ما لم تر عيناه ولم تسمع أذناه ، فأقول : رضي عبدي ، فيقول : يا رب من أين لي هذا ولم يبلغه عملي؟ فأقول له : هذا عوض من عبدي داود ، فأستوهبك منه فيهبك لي. قال : يا رب الآن عرفت أنك قد غفرت لي (١). هذا تمام الحديث والقصة التي سمعتها من شيخنا رحمهالله.
وروى السدي وابن السائب عن أشياخهم دخل حديث بعضهم في بعض قالوا : كان داود عليهالسلام يجد فيما يقرأ من الكتب فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقال : يا رب! أرى الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي ، فأوحى الله تعالى إليه أنهم قد ابتلوا ببلايا لم يبتل بها أحد فصبروا عليها ، ابتلي إبرهيم عليهالسلام بنمروذ ، وبذبح ابنه ، وابتلي إسحاق بالذبح وبذهاب بصره ، وابتلي يعقوب بالحزن على يوسف ، وإنك لم تبتل بشيء من ذلك. قال داود : فابتليني مثل ما ابتليتهم ، وأعطني مثل ما أعطيتهم. فأوحى الله تعالى إليه إنك مبتلى في شهر كذا ، في يوم كذا ، فاحترس. فلما كان ذلك اليوم الذي وعده الله عزوجل دخل داود في المحراب فأغلق بابه ، وجعل يصلي ويقرأ الزبور ، فبينا هو كذلك ، إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة من ذهب ، من كل لون حسن ، فذكروا قريبا مما تقدم ، غير أنهم قالوا : ففتح على يديه ، فكتب إلى داود بذلك ، فبعث داود إلى ابن أخته أيضا أن ابعثه إلى عدو كذا ، إلى أن قال : فقتل في المرة الثالثة ، فلما انقضت عدّتها تزوجها
__________________
(١) ذكره الطبري (٢٣ / ١٤٨) ، والسيوطي في الدر المنثور (٧ / ١٦٠ ـ ١٦١).