قوله تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) «عبدنا» منصوب بوقوع الفعل عليه ، «وأيوب» بدل أو عطف بيان ، و (إِذْ) بدل اشتمال منه.
(نادى رَبَّهُ) دعاه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) وقرأت لأبي جعفر : «بنصب» بضم النون والصاد ، وقرأت ليعقوب بفتحهما ، وقرأت أيضا من رواية حسنون بن الهيثم عن هبيرة بن محمد التمار عن حفص : بفتح النون وسكون الصاد ، وقرأت لباقي القراء العشرة : بضم النون وسكون الصاد (١).
فالنّصب والنّصب لغتان ، كالرّشد والرّشد ، و «نصب» [بضمهما](٢) تثقيل نصب ، ونصب على أصل المصدر ، وأصله : التّعب والمشقة.
قال ابن عباس : يريد : ما ابتلاه الله تعالى به حين سلّط عليه الشيطان (٣).
وقال قتادة : بضرّ في الجسد وعذاب في الأهل والمال (٤).
فإن قيل : كيف أضاف ما أصابه إلى الشيطان والمبتلي له هو الله تعالى؟
قلت : أضافه إلى الشيطان إضافة الشيء إلى سببه ، فإن الشيطان هو الذي تولى
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦) ، والنشر (٢ / ٣٦١) ، والإتحاف (ص : ٣٧٢) ، والسبعة (ص : ٥٥٤).
(٢) في الأصل : يضمهما.
(٣) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٥٥٧).
قال محققه : يذكر كثير من المفسرين هاهنا مرويات وقصصا إسرائيلية في ابتلائه عليهالسلام ولا وثوق من ذلك كله إلا بمجمله ، وهو ما أشار له التنزيل الكريم لأنه المتيقن ، وهو أنه عليهالسلام أصابته بلوى عظيمة في نفسه وماله وأهله وأنه صبر على ذلك صبرا صار يضرب به المثل ، كثباته وسعة صدره وشجاعته ، وأنه جوزي بحسنة صبره أضعافها المضاعفة.
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٥٥٧) ، والسيوطي في الدر (٧ / ١٩١) وعزاه لعبد بن حميد.