ذلك ، وباشره على ما ذكرناه في قصته في سورة الأنبياء ، فتطلبه مع ما لم أذكره هاهنا من حديثه في سورة الأنبياء.
فإن قيل : فما الحكمة في إضافته إلى سببه دون مسببه؟
قلت : استعمال حسن الأدب مع الله سبحانه وتعالى لئلا يكون كالشاكي منه يذكر ما ابتلاه به.
وقيل : أراد بقوله : (مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) : ما كان يوسوس إليه في مرضه من تعظيم ما نزل به من البلاء ، وما كان يغريه على الكراهة والجزع.
(ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) أي : قلنا له اضرب الأرض برجلك ، فركض فنبعت عين ماء فاغتسل منها ، ثم مشى نحوا من أربعين ذراعا ، ثم ركض برجله فأنبعت عين فشرب منها ، فهو قوله تعالى : (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ).
قال قتادة : هما عينان بأرض الشام في أرض يقال لها : الجابية (١).
قوله تعالى : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) أي : وقلنا له خذ بيدك حزمة من حشيش أو ريحان أو عيدان ونحو ذلك ، فاضرب به ولا تحنث ، وكان عليهالسلام حلف في مرضه ليضربن امرأته مائة جلدة إن عافاه الله تعالى.
واختلفوا في سبب يمينه على أربعة أقوال :
أحدها : ما ذكرناه في سورة الأنبياء من حديث ابن عباس : أن إبليس جلس في
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢٣ / ١٦٦). وذكره الماوردي (٥ / ١٠٢).
والجابية : قرية من أعمال دمشق ، ثم من عمل الجيدور ، من ناحية الجولان ، قرب مرج الصفر في شمالي حوران ، وفي هذا الموضع خطب سيدنا عمر رضي الله عنه خطبته المشهورة (معجم البلدان ٢ / ٩١).