قوله تعالى : (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ) أي : جعلناهم لنا خالصين (بِخالِصَةٍ) أي : بخصلة خالصة ، ثم فسّرها بقوله تعالى : (ذِكْرَى الدَّارِ) أي : أنهم يذكرون الدار الآخرة فيتأهبون لها ويزهدون في ضرتها.
قال أبو علي (١) : على هذه القراءة «ذكرى» بدل من «خالصة» ، تقديره : أخلصناهم بذكرى الدار.
وقرأ نافع والحلواني عن هشام : «بخالصة ذكرى» بغير تنوين على الإضافة (٢) ؛ لأن الخالصة تكون للذّكر وغير الذّكر ، فإذا أضيفت إلى «ذكرى» اختصت الخالصة بهذه الإضافة ، فتكون الإضافة إلى المفعول به ، كأنه بإخلاصهم ذكرى الدار ، أي : أخلصوا ذكرها والخوف منها [لله](٣) ، ويجوز أن تكون على إضافة المصدر الذي هو «خالصة» إلى الفاعل ، تقديره : بأن [أخلصت](٤) لهم ذكرى الدار. هذا كلام أبي علي.
(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) يريد : من الذين اتخذهم صفوة ، فصفّاهم من كل دنس ، والأخيار : جمع خير أو خيّر على التحقيق ؛ كأموات في جمع ميت أو ميّت.
قوله تعالى : (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ) أي : اذكر فضلهم وصبرهم
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨).
(٢) الحجة للفارسي (٣ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦١٣) ، والكشف (٢ / ٢٣١) ، والنشر (٢ / ٣٦١) ، والإتحاف (ص : ٣٧٣) ، والسبعة (ص : ٥٥٤).
(٣) زيادة من الحجة (٣ / ٣٢٨).
(٤) في الأصل : خلصت. والتصويب من الحجة ، الموضع السابق.