(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) إخبارا عن أنفسهم أنهم صنعوا ذلك ، على معنى : أنا اتخذناهم سخريا ، والجملة المعادلة لقوله : (أَمْ زاغَتْ) محذوفة ، المعنى : [أمفقودون](١) هم أم زاغت عنهم الأبصار. وهذه قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي ، وقرأ الباقون : «من الأشرار اتّخذناهم» بقطع الهمزة وفتحها على الاستفهام (٢) ، ولذلك عودل ب «أم» ، واستبعد البصراء بالعربية هذه القراءة ؛ لأن استفهامهم مع علمهم أنهم فعلوا بهم ذلك لا معنى له.
وقال الفراء (٣) : الاستفهام بمعنى التعجب والتوبيخ.
والمعنى : أنهم يوبخون أنفسهم على ما صنعوا بالمؤمنين.
و «سخريا» بضم السين وكسرها ، مذكور في (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)(٤).
قال قتادة ومقاتل (٥) : أم زاغت أبصارنا عنهم فهم معنا في النار ولا نراهم (٦).
قوله تعالى : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌ) قال الزجاج (٧) : أي إن الذي وصفناه عنهم لحق ، ثم بين ما هو فقال تعالى : (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ).
__________________
(١) في الأصل : أمفقودن.
(٢) الحجة للفارسي (٣ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦١٦ ـ ٦١٧) ، والكشف (٢ / ٢٣٣) ، والنشر (٢ / ٣٦١ ـ ٣٦٢) ، والإتحاف (ص : ٣٧٣) ، والسبعة (ص : ٥٥٦).
(٣) معاني الفراء (٢ / ٤١١).
(٤) عند الآية رقم : ١١٠.
(٥) تفسير مقاتل (٣ / ١٢٣).
(٦) أخرجه الطبري (٢٣ / ١٨٢). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٢٠١) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
(٧) معاني الزجاج (٤ / ٣٤٠).