وقيل : يحكم بين المسلمين والمشركين ، فإن المسلمين كانوا يقولون لهم : من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون : الله ، فإذا قالوا لهم : فما لكم تعبدون الأصنام؟ قالوا : إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى.
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي) أي : لا يرشد (مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) في قوله أن الآلهة تشفع لهم وتقربهم إلى الله.
وقيل : من هو كاذب في قولهم في بعض من اتخذوه من دون الله أولياء : بنات الله ، ولذلك عقبه محتجا عليهم بقوله تعالى : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ).
قال الزمخشري (١) : كأنه قال : لو أراد الله تعالى اتخاذ الولد لم يزد على ما فعل من اصطفاء ما [يشاء](٢) من خلقه وهم الملائكة ، إلا أنكم لجهلكم به حسبتم اصطفاءهم [اتخاذهم](٣) أولادا ، ثم تماديتم في جهلكم وسفهكم فجعلتموهم بنات.
ثم نزّه نفسه فقال : (سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ
__________________
(١) الكشاف (٤ / ١١٤).
(٢) في الأصل : شاء. والمثبت من الكشاف ، الموضع السابق.
(٣) في الأصل : اتخاهم. والتصويب من الكشاف ، الموضع السابق.