(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (٨) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ)(١٠)
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) يجوز أن يكون (فِي أَنْفُسِهِمْ) ظرفا ، على معنى : أو لم يحدثوا (١) التفكر في أنفسهم ، أي : في قلوبهم [الفارغة من الفكر](٢) ، والتفكر لا يكون إلا في القلوب ، ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين ، كقولك : «اعتقده في قلبك وأضمره في نفسك» ، وأن يكون صلة للتفكر ، كقولك : تفكّر في الأمر (٣).
(ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) قال صاحب الكشاف (٤) : يجوز أن يكون «ما» نفيا فتقف على قوله : (فِي أَنْفُسِهِمْ) وتبتدئ ب «ما» ، وقد عدى التفكر ب «في» ، فجرى مجرى قوله : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ
__________________
(١) قوله : «يحدثوا» مكرر في الأصل.
(٢) زيادة من الكشاف (٣ / ٤٧٤).
(٣) إلى هنا ينتهي كلام الزمخشري في الكشاف (٣ / ٤٧٤).
(٤) لم أقف عليه في الكشاف.