وقال أبو علي (١) : جعله كالمجازاة ، إلا أن الفعل المتقدم أغنى عن الجواب ، كما أنك إذا قلت : أجيئك إن جئت ، تقديره : إن جئت أجئك ، [فاستغنيت](٢) عن الجواب بالفعل المتقدم على الشرط.
قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) أي : بين الأنبياء وأممهم ، أو بين المؤمنين والكافرين ، ودخلت «هو» هاهنا فصلا ، ومثله : (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) [فاطر : ١٠] ، قوله تعالى : (هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [التوبة : ١٠٤].
(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ)(٢٧)
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي : «نهد» بالنون (٣). وقد سبق تفسيره في آخر طه (٤).
والضمير في قوله : (لَهُمْ) لأهل مكة ، (يَمْشُونَ). وقرئ شاذا : «يمشّون» بالتشديد (٥) ، (فِي مَساكِنِهِمْ) أي : يمرّون في متاجرهم على مساكنهم.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ) المطر أو السيل (إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ)
__________________
(١) الحجة (٣ / ٢٧٨).
(٢) في الأصل : فإن استغنيت. والتصويب من الحجة ، الموضع السابق.
(٣) ذكر هذه القراءة ابن الجوزي في : زاد المسير (٦ / ٣٤٤).
(٤) عند الآية رقم : ١٢٨.
(٥) ذكر هذه القراءة أبو حيان في : البحر المحيط (٦ / ٢٦٧) ، والسمين الحلبي في : الدر المصون (٥ / ٦٤).