والتعديل فكان لا يمرّ به رجل ممّن فيه تشيّع إلاّ جرحه وطعن في دينه وعبّرعنه بأنّه زائغ عن الحق متنكّب عن الطريق مائل عن السبيل(١) [وهو أيضاً من أركان الجرح والتعديل].
في حين أنّ ابن معين عندما نقل الحديث عن عبيدالله بن موسى قال : «بعث إليه أحمد بن حنبل رسولا وقال له : قل له : أخوك أبو عبدالله أحمد بن حنبل يقرأ عليك السلام ويقول لك : هو ذا تكثر الحديث عن عبيدالله وأنا وأنت سمعناه يتناول معاوية بن أبي سفيان وقد تركت الحديث عنه»(٢).
كما أنّ أحد الملاكات الأخرى في توثيق الرجال هو عدم تحريف الراوي في نقل الحديث ـ أو بعبارة أخرى الأمانة في نقل الحديث ـ في الوقت الذي نرى فيه حريزاً من أكبر المحرّفين في نقل الحديث بحيث حرّف حديث المنزلة وهو الحديث الموثّق والصحيح ، فقد حرّفه بما يناقض معناه تماماً ، حيث يقول فيه : «ولكن أخطأ السامع ، قلت فما هو؟ قال : إنّما هو : أنت مني بمنزلة قارون من موسى»(٣).
هكذا استطاع حريز أن يقلب الأحاديث ويخون الأمانة ، فإنّ حديث المنزلة قد ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم ، وقد عدّه صاحب الاستيعاب في كتابه في ترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام من أصحّ الأحاديث وأوثقها ، ولكن لم يكن لتحريفه وخيانته ولا لسبّه ولعنه أمير المؤمنين عليهالسلامأيّ أثر في توثيقه عند أبناء العامّة!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) فتح الملك العلي : ١٠٩ ـ ١١٠.
(٢) انظر : الغدير : ٥ / ٢٩٥.
(٣) تهذيب التهذيب : ٢ / ٢٣٩. تهذيب الكمال : ٥ / ٥٧٦ ترجمة حريز.