وثالثها : الرضا بما اختاره الخالق.
ورابعها : الصبر على ما خالف الهوى الزاهق.
وخامسها : الشكر على ما أحبّ وكره (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)(١).
والإستخارة سبيل الرضا ، وعصمة من الخطأ ، ونور يُستضاء به في ظلمات الحَيرة والبلوى (إنِّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَو ألْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)(٢) فكم أمر تريده النفس وتهواه من الأمر المباح ، تعرض له الخيرة بالمنع الصراح ، وكم أمر تنكره النفس وتأباه ، فتعرض له الخيرة فيه بما يحبّه الله ويرضاه ؛ لما فيه من الصلاح ، هذا كما قال الله سبحانه : (وَعَسَى أنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُوْنَ)(٣).
فأثبت سبحانه العلم لذاته ، ونفاه عن مخلوقاته ، فكيف يحسن من عاقل لبيب ، الدخول في أمر بغير تصويب ، وكيف يحسن من عبد محصور بالأوامر والنواهي فتح الأبواب قبل إدراك المعاني ، وتحقيق المباني بالإستخارات السبحانية ، والاستشارات الربّانية! أم كيف يحسن منه أن يدخل في الأمور بغير عِلم ولا عَلَم ولا دليل! بل كيف يغرّر بنفسه في المهامه والمهاوي بغير مرشد ربّاني! بل كيف يفرّط في أموره بغير تدبّر ، ويهجم على الأمور بغير تفكّر!
وقد قال الصادق عليهالسلام : «من فرّط تورّط ، ومن خاف العاقبة تثبّت عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة الإسراء ١٧ : ٨١.
(٢) سورة ق ٥٠ : ٣٧.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٢١٦.