وقال الصادق عليهالسلام : «ما أبالي إذا استخرت على أيّ طرفيّ وقعت»(١).
ضرب ابن طاووس رحمهالله في كتابه فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين ربّ الأرباب ، أمثالا يعرف بها فضل مشاورته تعالى.
منها : إنّه لو بنى لك البنّاء داراً وفرغ منها ، فرأيت خللا أما كنت تسأله عن ذلك ، وأنت تعلم أنّه(٢) بنى لك دار الدنيا العظيمة ، العالم بأسرارها السقيمة والمستقيمة ، فكما نستعلم من البنّاء مصالح دارك اليسيرة ، فاستعلم منه مصالح دارك الكبيرة.
ومنها : أما تعلم أنّك لو اشتريت عبداً له عند مولاه الأوّل عشر سنين مثلا ، ثمّ مرض العبد عندك تلك الليلة ، ما كنت تستعلم من سيّده الأوّل عن سبب مرضه وتقول : هو أعلم منّي ؛ لإقامة العبد عنده أكثر منّي ، والله قد خلقك قبل النطفة تراباً ، أودعك بطناً بعد أن أودعك أصلاباً ، حتّى نشأت فما لك لا تستعلمه ، وهلاّ جعلته كسيّد العبد المذكور ، وتستعلم الله مصالح الأمور.
ومنها : لو أردت سفراً في أحد الفصول الأربعة ، فهل يعلم في تلك الحال ما غلب على باطن مزاجك ـ من حرارة أو برودة أو رطوبة أو يبوسة ـ غيره ، فإذا قلت لأحد من العباد : أريد السفر في الشتاء ، فهل ترى في ذلك صلاحاً ، فإنّه لا يعلم الحرارة ، قد ابتدأت عليك وغلبت فتوافقك البرودة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أورده ابن طاووس في فتح الأبواب : ١٤٧ ـ ١٤٨ ، بسنده عن مشايخه ، و١٦٤ ، ونقله الحرّالعاملي في الوسائل ٨ / ٦٧ ح١٠ ، والعلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٨٨ / ٢٢٣ ـ٢٢٤ ، عن الفتح ، وفي الوسائل والمورد الثاني من البحار : على أيّ جنبيّ وقعت.
(٢) ضمير الهاء في (أنّه) راجع إلى الله تبارك وتعالى ، حيث أنّ مصنّف كتابنا هذا اختصر كلام ابن طاووس.