فانظر أنّ الساخط ما حاله كيف غرّر(١) بنفسه إلى أن يتّهم ربّه ، البارىء اللطيف الشفيق الرفيق ، فلو أنّ رجلا استشار شخصاً مأموناً ناصحاً عارفاً مجرّباً للأمور ، فشار عليه شيء وخالفه ، يُعدّ خلاف المشاورة من كبائر العيب ، فكيف بالتجرّي على مخالفة عالم الغيب ، والمستشار مؤتمن والمخالف في عناء(٢) ، فينبغي للمستخير أن يهذّب نفسه بالأخلاق الرضية ، ليدخل في حجاب المحبّة والرضا ، فيختار ما يحبّ الله ويرضاه.
روى البرقي في محاسنه : عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن هارون ابن خارجة ، قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : «من استخار الله عزّ وجلّ مرّة واحدة وهو راض بما صنع الله له ، خار الله له حتماً»(٣).
فانظر بعين قلبك ، وَعِ بإذن ليلة(٤) رتبة الرضا بالصنع الإلهي ، والأمر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحاديث)بزيادة في ذيل الحديث ، وكذلك ابن شعبة الحرّاني في تحف العقول : ٣٦٤ ، ونقله عن المحاسن الحرّ العاملي في الوسائل ٨ / ٧٩ ح٣ ، العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٨٨ / ٢٢٣ ، المحدّث النوري في مستدرك الوسائل ٦ / ٢٦٢ ح١ ، عن الغايات.
(١) في الأصل : خدر ، وما أثبتناه ظاهراً هو الأنسب للسياق ، حيث لم أجد معنى (لخدر بنفسه أو حذر بنفسه) في كتب اللغة.
(٢) في الأصل : عنى ، وما أثبتناه ظاهراً هو الأنسب للسياق.
(٣) المحاسن٢ / ٤٣١ ح١ ، وأورده الكليني في الكافي ٨ / ٢٤١ ح٣٣٠ ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عثمان بن عيسى ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، من دون ذكر : مرّة واحدة ، ابن طاووس في فتح الأبواب : ٢٥٧ ، عن شيخه ابن نما ، والكفعمي في المصباح : ٥١٦ ، ونقله الحرّ العاملي في الوسائل ٨ / ٦٣ ح٢ ، عن الكافي ، و٨٠ / ٤ ، عن المحاسن ، والعلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٨٨ / ٢٥٦ المقطع الثاني من حديث رقم١ ، عن فتح الأبواب.
(٤) كذا في الأصل. والظاهر : لينة. بمعنى السكون والوقار والخشوع ، انظر : النهاية في غريب الحديث ٤ / ٢٤٥ ـ لين.