وقد صنّف السيّد العالم العابد صاحب الكرامات الظاهرة والمآثر الباهرة رضي الدين أبو الحسن علي بن طاووس الحسني رحمهالله كتاباً ضخماً في الاستخارات ، واعتمد فيه على رواية الرقاع ، وذكر من آثارها عجائب وغرائب أراه الله تعالى إيّاها ، وقال : إذا توالى الأمر في الرقاع فهو خير محض ، وإن توالى النهي فذلك الأمر شرّ محض ، وإن تفرّقت كان الخير والشرّ موزّعاً بحسب تفرّقها(١) على أزمنة ذلك الأمر بحسب ترتّبها(٢). انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
قال ابن طاووس رحمهالله : وممّا وجدته من عجائب استخارة الرقاع أنّه طلبني بعض أبناء الدنيا وأنا بالجانب الغربي من بغداد ، فبقيت إثنين وعشرين يوماً أستخير الله جلّ جلاله أن ألقاه فتأتي الاستخارة (لا تفعل) في أربع رقاع ، أوفي ثلاث متواليات ، وما اختلفت (٣) في المنع المدّة المذكورة ، ثمّ ظهر لي حقيقة سعادتي بعد ذلك(٤).
ومن عجائبها أنّي أقمت بالحلّة شهراً وكنت أريد إتيان بعض ولاتها ، فكنت كلّ يوم أستخير الله جلّ جلاله أوّل النهار وآخره في لقائه ، فتأتي الاستخارة (لا تفعل) فتكلّمت نحواً من خمسين استخارة (لا تفعل) وظهر لي بعدذلك سبب سعادتي ، وهل يقبل العقل أنّ الإنسان يستخير الله خمسين استخارة تكون كلّها اتّفاقاً (لا تفعل)(٥).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) في الأصل : تعرّفها ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) ذكرى الشيعة ٤ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧.
(٣) في الأصل : ما اختلف. وما في المتن أثبتناه من المصدر.
(٤) فتح الأبواب : ٢٢٣.
(٥) فتح الأبواب : ٢٢٣.