ثالثاً : القائلون بوجوب نصب الإمام على الخلق عقلاً ـ وهم جماعة من المعتزلة ـ وحجّتهم في ذلك ، منع الضرر المتوقّع من عدم نصب الإمام ، ودفع الضرر واجب عقلاً ، وذلك إنّما يندفع بنصب إمام يقوم بأحكام الشرع. وهم موافقون لجمهور الصفاتية والأشاعرة في تعيين الأئمّة.
رابعاً : القائلون بوجوب نصب الإمام من الله ، وهم الغلاة والإسماعيلية.
ـ أمّا الغلاة فبعضهم قال : إنّ الله تعالى يظهر في بعض الأوقات في صورة إنسان ، يسمّونه نبيّاً أو إماماً ، يدعو الناس إلى الدين القويم والصراط المستقيم ، ولولا ذلك لضلّ الخلق ، كالنصيرية والإسحاقية ، وبعضهم قال : بالحلول أو الاتحاد كما هو الحال عند بعض المتصوّفة. وليس في تفصيل مذاهبهم زيادة فائدة.
ـ وأمّا الإسماعيلية ، فهم المنتسبون إلى إسماعيل بن جعفر الصادق عليهالسلام ويسمّيهم خصومهم بالباطنية ؛ لقولهم : إنّ كلّ ظاهر له باطن يكون مصدراً له ، والظاهر مظهراً له ، وعالم الباطن هو عالم الأمر والغيب ، وعالم الظاهر هو عالم الخلق والشهادة. والزمان عندهم لا يخلو إمّا عن نبيّ وشريعته ـ والنبيّ عندهم هو الحاكم في عالم الظاهر ، ولشريعته تنزيل ظاهر وتأويل باطن ـ وإمّا عن إمام ودعوته ، وهي ربّما تكون خفيّة مع ظهوره ، وقد تكون ظاهرة مع خفائه ، لإتمام الحجّة على الناس. وكما يُعرف النبيّ بالمعجز القولي أو الفعلي كذلك يُعرف الإمام بدعوته إلى الله وبدعواه ، فالمعرفة بالله لا تحصل