كما نستطيع أن نعدّ ذكره للمشيب أيضاً من قصائده الغزلية وأشعاره ولوحاته الأدبية الرائعة ، فذكر الشيب في ديوان الشريف المرتضى هو واحته النضرة وأزهاره العطرة وأغصان دوحته المثمرة الذي ما ذكر في أبيات أو مرّ عليه في أغلب قصائده إلاّ واشتقّ له معنى جديداً أو كساه بصياغة جديدة ، وهكذا برع شريفنا المرتضى في خوض غمار الغزل ، وخرج منه نقيّ الأذيال صافي البال لم يغيّره عن عفّته وتقواه حالٌ عن حال ، وكيف يمكن إغلاق هذا الباب وهو عماد من أعمدة الأدب التي عليها المعوّل وبها يزدان الشعر بفنون البديع والبيان ، وهو طريق لحفظ اللغة بجميع مفرداتها ومعانيها وأسسها ومبانيها ، وهنا أفصح الديوان عن أسلوبه العفيف واحتشامه الشريف ذاكراً :
قال في الغزل والعفّة :
بأبي زائراً أتاني ليلا |
|
سارقاً نفسه من البوّابِ |
ما ثناه عنّي تقضّي شبابي |
|
وهو في وجنتيه ماء الشبابِ |
بان بيني وبينه خشية |
|
الله وخوف العذاب يوم العذابِ |
لم أزده شوقاً وبين ضلوعي |
|
كلّ شوق على مليح العتابِ |
ثمّ ولّى كما أتى أرِجَ الأخبار |
|
في الناس طيِّب الأثوابِ |
عالماً أنّني وإن كنت أهواه |
|
فغيرُ الحرام منه طلابي |
ولقد جاءني وما كان في نفسي |
|
إسعافه ولا في حسابي |
غير أنّي عففت حتّى كأنّي |
|
لا أباليه أو بغيريَ ما بي(١) |
__________________
(١) ديوان الشريف المرتضى : ١ / ٢٢٢.