المعرفة والإقرار مؤمنون بإيمانهم بالله وبرسوله وبما جاء من عنده ، وفاسقون بما معهم من كبائر الآثام»(١).
وقد قال المرتضى : «إنّ الفاسق يجتمع استحقاقهما ـ وإن كانا متقابلين ـ له ، استحقاق الذم والمدح ، والتعظيم والاستخفاف ، بإيمانه وطاعته ، وفسقه ومعاصيه»(٢).
لكن وفقاً للنظرة الاعتزاليّة كان مرتكب الكبيرة قد خرج من الإيمان ، فلا هو مؤمن ولا كافر ، بل هو واقع في منزلة بين منزلتي الإيمان والكفر ، وهي منزلة الفسق.
هذا كلّه بالنسبة إلى مرتكب الكبيرة بحسب النظرة الاعتزاليّة التي فرّقت بين الصغيرة والكبيرة ، وأمّا المرتضى فقد ركّز على أنّه لا فرق بين صغيرة وكبيرة ، فإنّ كلّ معصية لله تعالى تعدّ كبيرة ، وأمّا الاختلاف بالصغر والكبر يرجع إلى الإضافات والمقارنات ، فعندما نقارن معصيةً مع أُخرى ، تبدو إحداهما كبيرة بالنسبة إلى الأخرى ، وإلاّ فكلاهما كبيرة في حدِّ ذاتها ، ولذلك عرّف الشريف المرتضى الفسق بأنّه عبارة عن (كلّ معصية لله تعالى).
فشمل مصطلحُ الفسق عنده كلّ معصية ، سواء كانت كبيرة أم صغيرة(٣) ، وهو مخالف لمصطلح المعتزلة الذي ميّز بين الصغيرة والكبيرة ،
__________________
(١) أوائل المقالات ، ص٨٤.
(٢) رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الرسّية الأولى) ، ج٢ ، ص٣٧٦ ؛ (جُمل العلم والعمل) ، ج٣ ، ص١٨.
(٣) الذخيرة ، ص٥٣٣.