وخاصّة في الآثار المترتّبة عليها كما سيأتي. وبهذا يكون تعريف اسم الفاسق عند الشريف المرتضى إنّه : (المرتكب للمعصية) ، لا المرتكب للكبيرة فقط كما كان يرى المعتزلة.
إنّ نظرة الشريف المرتضى لحقيقة الفسق فسحت المجال أمام الفاسق للحفاظ على اسم الإيمان إجمالاً ، وبذلك صار هناك أمل لنجاته ، بينما خروجه من دائرة الإيمان عند المعتزلة جعلته ـ كما سيأتي ـ خالداً في جهنّم ، ولا مجال لنجاته إذا هو خرج من الدنيا بلا توبة. كما أنّ جَعْل التصديق القلبي أساساً للإيمان سمح للمرتضى بإخراج المنافقين من دائرة الإيمان بكلّ سهولة ، فإنّ المنافق مهما أظهر من الإيمان القولي والفعلي ، فإنّه لا يكتسب عنوان المؤمن أبداً ما دام قلبه جاحداً للمعارف الحقّة(١).
ويمكن أن يُطرح إشكال على تعريف الكفر بأنّه الجحود القلبي ، وأنّه لا اعتبار باللّسان وحتّى الأفعال ، والإشكال هو أنّ هذا التعريف يعني أنّ مَن فعل بعض الأفعال الكُفرية ـ مثل السجود للشمس ـ لا يمكن عدُّه كافراً ؛ بسبب أنّ السجود فعل خارجي ، وليس جحوداً قلبياً ، والكفرُ في الحقيقة هو الجحود القلبي ـ حسب رأي الشريف المرتضى ـ لا السجود.
أجاب الشريف المرتضى على هذا الإشكال من دون أن يضطرّ إلى التنازل عن تعريفه للكفر بالقول : لا شبهة في وصف مَن سجد للشمس بأنّه كافر ، لكن هذا لا يعني أنّ نفس السجود للشمس كفرٌ ، بل لأنّ هناك إجماعاً
__________________
(١) الذخيرة ، ص ٥٤١.