وبعبارة علمية : «الموافاة دليل إثباتي على الإيمان ، وليست شرطاً ثبوتيّاً له».
إنّ فكرة (الموافاة) سمحت للمرتضى ولغيره من الإمامية ممّن آمنوا بها أن يعتبروا مَن أظهر الإيمان في البداية من أمثال معاوية ، ثمّ قام بحرب أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولم يُظهر التوبة من ذلك إلى آخر حياته ، أن يعتبروه أنّه ما كان مؤمناً منذ البداية بل كان منافقاً ، فقد قال المرتضى بهذا الصدد : «قتالُ أمير المؤمنين عليهالسلام بغيٌ وكفرٌ ، جار مجرى قتال النبيّ (صلى الله عليه وآله) ... فمن حاربه عليهالسلام ومات من غير توبة ، قطعنا على أنّه ما كان في وقت من الأوقات مؤمناً ، وإنْ أظهر الإيمان»(١).
كما سمحت فكرة الموافاة للمؤمنين بها أن يجيبوا بكل سهولة على الاستدلال على إيمان بعض السابقين إلى الإسلام بآيات مثل قوله تعالى :
(وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَان رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّات تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدَاً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(٢).
فإنّ مثل هذه الآيات إنّما تدلّ على استحقاق السابقين للجنّة ، لكن بشرط موافاتهم على الإيمان ، أمّا إذا اختلّ هذا الشرط وقاموا في فترات متأخّرة من حياتهم بارتكاب أفعال تخالف الإيمان ، فإنّهم سوف لن يكونوا مشمولين بالآية ، وبذلك سوف لن يستحقّوا الجنّة.
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الميَّافارقيّات) ، ج١ ، ص٢٨٣.
(٢) التوبة ، الآية ١٠٠.