ملك
، فالإلهام أعم من الوحي ، لأن الوحي مشروط بالتبليغ ، ولا يشترط ذلك في الإلهام . والإلهام ليس سبباً يحصل به العلم لعامة
الخلق ، ويصلح للبرهان والإلزام ، وإنما هو كشف باطني ، أو حدس ، يحصل به العلم للإنسان في حق نفسه لا على وجه اليقين والقطع ، كما هي الحالة في الوحي ، بل على أساس الاحتمال الإقناعي (١)
. ولهذا فلا اعتبار بما حاوله الأستاذ
محمد عبده : بجعل الإلهام وجداناً تستيقنه النفس ، وحسبان ذلك طريقاً لإمكان الوحي (٢)
. إن طريق الوحي هو التلقي ، وطريق هذا
التلقي هو الملك وفي ضوئه نجد عبد القاهر الجرجاني ( في ٤٧١ هـ ) حدياً بتمثل الوحي متفرداً بما ألقاه جبرئيل عليهالسلام
على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وأن القول بأنه : « قد كان على سبيل الإلهام ، وكالشيء يلقى في نفس الإنسان ، ويهدى له من طريق الخاطر والهاجس الذي يهجس في القلب ، فذلك مما يستعاذ بالله منه ، فإنه تطرق للإلحاد » (٣)
. ولقد تطرق بعض الباحثين الكهنوتيين
فادعى بأن الوحي : « هو حلول روح الله في روح الكتّاب الملهمين لاطلاعهم على الحقائق الروحية والأخبار الغيبية ، من غير أن يفقد هؤلاء الكتاب بالوحي شيئاً من شخصياتهم ، فلكل منهم نمطه في التأليف ، وأسلوبه في التعبير » (٤)
. وهذا التعبير عن الوحي بهذا الفهم ، يختلف
جذرياً عن المفهوم القرآني للوحي ، ويضفي مناخاً باطنياً في الحلول والاتحاد ، يدفعه الإسلام ، وهو سبيل مختصر إلى تقمص الصفاء الروحي وادعائه من قبل من لم يحصل عليه ، وفيه استهواء للدجل الاجتماعي عند الكهنة والكذبة ، وبعد __________________ (١) ظ : د . جميل
صليبا ، المعجم الفلسفي : ١ / ١٣١ . (٢) ظ : محمد عبده ، رسالة
التوحيد : ١٠٨ . (٣) عبد القاهر ، الرسالة
الشافية ، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن : ١٥٦ . (٤) جورج بوست ، قاموس
الكتاب المقدس ، وانظر : صبحي الصالح مباحث في علوم القرآن : ٢٥ .