للمسرات بمقتل الإمام إلا أنه تهدده وتوعده باعلانه للحرب لما هو أهم من ذلك وأعظم وهو بعثه للعيون والجواسيس الى مملكته فان هذه الجهة قد أعرض عنها لئلا يذاع نشاط الإمام وعزمه على إعلان الحرب فتخور عزائم جنده وتقوى نفوس أصحاب الإمام.
وعلى أثر ذلك بعث الحازم اليقظ عبد الله بن عباس رسالة الى الإمام ينشطه فيها على إثارة الحرب ومقاومة معاوية ومناجزته ، حتى النفس الأخير وقد دلت رسالته على درايته الواسعة واطلاعه الوافر بفنون السياسة ومعرفته التامة بنفوس المجتمع ووقوفه التام على نفسيات الأمويين واتجاههم السيئ نحو الإسلام والمسلمين وهذا نصها :
« أما بعد : فان المسلمين ولّوك أمرهم بعد علي عليهالسلام فشمر للحرب وجاهد عدوّك وقارب أصحابك ، واشتر من الظنين دينه بما لا يثلم لك دنياه (١) وولّ (٢) أهل البيوت والشرف تستصلح به عشائرهم حتى يكون الناس جماعة فان بعض ما يكره الناس ما لم يتعد الحق ، وكانت عواقبه تؤدي (٣) إلى ظهور العدل وعز الدين خير من كثير مما يحبه الناس إذا كانت عواقبه تدعوا الى ظهور الجور وذل المؤمنين وعز الفاجرين. واقتد بما جاء عن أئمة العدل فقد جاء عنهم أنه لا يصلح الكذب إلا في حرب ، أو اصلاح
__________________
(١) الظنين : المتهم. ويروى ( واستر من الظنين ذنبه بما لا يثلم دينك ).
(٢) وفى رواية ( واستعمل ) وفى أخرى ( ووال ).
(٣) وفى رواية ( تدعو ).