٣ ـ الحصول على مائة ألف درهم.
وانفق ليله ساهرا يفكر في الأمر ، قد ملأت الحيرة اهابه ، وتمثلت أمامه ( المادة ) التي منّاه بها معاوية وهو لم يظفر ببعضها فى ظل الحكومة الهاشمية التي بنيت على بسط العدل والمساواة ، وأخيرا سولت له نفسه الأثيمة بالغدر ونكث العهد ، فاستجاب لدنيا معاوية ، ومال عن الحق ، وانحرف عن الطريق القويم ، وخان الله ورسوله ، وترك سبط النبي (ص) وريحانته ، والتحق بمعسكر الظلم والجور ، وقد تسربل بثياب العار والخزي.
لقد تسلل عبيد الله الى معاوية فى غلس الليل البهيم ومعه ثمانية آلاف من الجيش (١) من ذوي الأطماع والأهواء الذين لم ينطبع الدين في قلوبهم ففي عنق عبيد الله الخائن الأثيم تقع المسئولية الكبرى ، فقد أدت خيانته الى زعزعة الجيش وتفلل وحداته واضطرابه.
إن هذه الخطة التي سلكها معاوية كانت من أهم الأسباب التي مهدت نجاحه ، وفوزه بالموقف وتغلبه على الأحداث ، فقد سببت اندحار جيش الإمام ، وقضت على عزائمه ، وفتحت باب الخيانة ، والغدر على مصراعيهما.
وأصبحت البقية الباقية من الجيش تفتش عن قائدها ليصلي بها صلاة الصبح فلم تجده ، ولما علمت خيانته وغدره والتحاقه بالعدو اضطربت أشد الاضطراب ، وماجت فى الفتن ، وارتطمت بالنزاع والخلاف ، ولما رأى قيس بن سعد الرجات العنيفة ، والفتن السود قد ضربت أطنابها على الجيش قام فصلى بهم صلاة الصبح ، وبعد الفراغ منها قام خطيبا فهدأ روعهم
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٩١.