بعينه ، أعني الموجود في الدنيا بعينه هو الذي يخرج يوم القيامة بعد أن يصفّى.
ومعنى قولنا : بعد أن يصفّى هو أن يذهب عنه الجسد العنصري. ومعنى قولنا : هو أن يذهب الجسد العنصري يعني يذهب الكثافات الغريبة ، وهي الصورة الأولى ؛ لأنّه إذا صيغ ثانيا لا تعود الصورة الأولى.
فافهم ، فهذا مرادي وأبرأ إلى الله تعالى من غير هذا. وهذا هو مذهب أئمّة الهدى عليهمالسلام. ».
فذكر حديثا مشتملا على أنّ رجلا لو أخذ لبنة فكسرها ثمّ ردّها إلى طينها فهي هي ، وهي غيرها (١). إلى أن قال بعد ذكر مثال الخاتم : « فإنّه صيغ من الفضّة وبعد أن كسر ذهبت الصورة والهيئة التي هي بمنزلة الجسد الأوّل ، أعني العنصري ، وهو الكثافة الغريبة التي ليست في الحقيقة من الإنسان. ثمّ قال : « وهو الجسد الأوّل الفاني.
وأمّا الجسد الثاني فهو مركّب من عناصر أربعة ، لكنّها ليست من هذه العناصر الزمانيّة المعروفة الفانية ، بل من عناصر باقية جوهريّة نوريّة ، وهي من عناصر هورقليا في الإقليم الثامن الذي فيه الجنّتان المدهامّتان وجنان الدنيا ، وإليها تأوي أرواح السعداء من الأنبياء والأوصياء والمؤمنين ، وهذا هو الجسد الثاني ، وهو الباقي ، وهو الذي نزل إلى الدنيا ، ولبس الكثافة البشريّة العنصريّة ، وهو بعينه هذا الجسد الموجود في هذه الدنيا إلاّ أنّه عليه غبار ووسخ ، وهو من العناصر المحسوسة ، وهذه الكثافة ليست من الجنّة حتّى تعود إليها وإنّما هي من هذه الدنيا ».
قال : « والحاصل أنّ عود كلّ شيء إلى أصله ممّا لا خلاف فيه ، فإذا ثبت بأنّ الكثافة من هذه العناصر ، وأنّ الإنسان إنّما تعلّقت به في هذه الدنيا ، وعاد إلى أصله كلّ شيء لم تصحبه الكثافة إلى الجنّة ».
__________________
(١) « الاحتجاج » ٢ : ٣٥٤ ؛ وعنه في « بحار الأنوار » ٧ : ٣٨ ، ح ٦.