كرائحة المني التي يقال له : صاد ، وهو المذكور في القرآن ، فيكون وجه الأرض بحرا واحدا فيتموّج بالرياح وتتصفّى الأجزاء ، كلّ شخص تجتمع أجزاء جسده في قبره مستديرة أي على هيئة بنيته في الدنيا ، أجزاء الرأس ، ثمّ تتّصل بها أجزاء الرقبة ، ثم تتّصل أجزاء الرقبة بأجزاء الصدر ، والصدر بالبطن وهكذا ، وتمازجها أجزاء تنمو من تلك الأرض فينمو في قبره كما تنمو الكمأة في نبتها ، فإذا نفخ إسرافيل في الصور تطايرت الأرواح كلّ روح إلى قبر جسدها فتدخل فيه ، فتنشقّ الأرض عنه كما تنشقّ عن الكمأة ، فإذا هم قيام ينظرون. وهذا الجسد الباقي هو من أرض هورقليا ، وهو الجسد الذي فيه يحشرون ويدخلون به الجنّة والنار » (١).
إلى غير ذلك من نحو هذه الكلمات كما أشرنا إلى بعضها.
ومنها : ما صدر عنه بعد السؤال عن حقيقة جسم الإنسان المثاب أو المعاقب حيث قال : « أمّا حقيقة جسم الإنسان فهو مركّب من عشر قبضات من صفوة الأتربة : قبضة من تراب من الفلك الأطلس خلق منها قلبه. وقبضة من تراب فلك الكوكب خلق منها صدره. وقبضة من تراب فلك الزحل خلق منها دماغه وأسكنها عقله. وقبضة من تراب فلك المشتري أسكنها علمه. وقبضة من تراب فلك المرّيخ أسكنها وجهه. وقبضة من تراب فلك الشمس أسكنها الوجود الثاني. وقبضة من تراب فلك الزهرة أسكنها خياله. وقبضة من تراب فلك عطارد أسكنها فكره. وقبضة من تراب فلك القمر أسكنها حياته ، وقبضة من تراب أرض الدنيا أسكنها هذه القوى والنفوس النباتيّة والقوى العنصرية.
وهذه القبضات العشر من التراب ، وبسيطة ليس فيه فساد ، ورتبته في اللطافة رتبة الفلك الأطلس ، بمعنى شدّة بساطته وعدم فساده ، لكنّه لو جمع وخلّي وطبعه بدون قاسر ترتّبت القبضات في العلو والهبوط على ما هي عليه الآن.
__________________
(١) « شرح زيارة الجامعة الكبيرة » ٤ : ٢٥ ـ ٢٧.