الأرض ما فيه من الأعراض والأغراض والغرائب صفت الأجزاء الأصليّة من الأغيار ، فإذا صفت عن المنافي تعلّقت الأرواح بالأجسام التعلّق التامّ ، فلا يطرأ عليها مفارقة وليس بينهما منافرة فتبقى أبدا » (١).
ومنها : ما صدر منه بعد ما سئل عن رواية عمّار أنّه قال : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الميّت هل يبلى جسده؟ قال : « نعم ، حتّى لا يبقى لحم ولا عظم إلاّ طينته التي خلق منها ، فإنّها لا تبلى ، بل تبقى في القبر مستديرة حتّى يخلق منها كما خلق أوّل مرّة » (٢).
حيث قال : « اعلم أنّ للإنسان الموجود الآن جسمين وجسدين :
فالجسم الأوّل هو الحامل للعقل والروح وهو الأربعة قوّة تحقّقا ، وزانة وخفّة ، ولطافة وعظما ، وهو الذي وقع عليه التكليف في عالم الذرّ ، وبه يدخل الجنّة إن كان مؤمنا ، ويدخل به النار إن كان كافرا ، وهو موجود الآن في غيب الإنسان ، وهو الباقي الذي لا يجري عليه الفناء والدثور ، وله النعيم والعذاب الأليم.
الجسم الثاني هو الذي يعبّر عنه في الروايات بأنّه هيكل كهيكل الدنيا ، فإذا رأيته قلت : هذا فلان (٣). وربما يعبّر عنه بقولهم عليهمالسلام : في حواصل طيور خضراء (٤). وهذا هو الذي قبضه ملك الموت مع الروح وقبضها فيه وأخذها معه ، ويبقى ـ إن كان من الأخيار ـ في الجنان يتنعّم ، ويأتي وادي السّلام ويزور أهله وحفرة قبره ، وتبقى إلى نفخة الصور الأولى باقية. وكذلك إن كان من الأشرار فإنّه يعذّب بنار الدنيا عند مطلع الشمس ، وتأوي إلى وادي برهوت عند غروبها إلى نفخة الصور الأولى ، وهو
__________________
(١) « جوامع الكلم » : ١٥٨ ، الرسالة القطيفيّة.
(٢) « الكافي » ٣ : ٢٥١ ، باب النوادر من كتاب الجنازة ، ح ٧ ؛ « الفقيه » ١ : ١٢١ ، ح ٥٨٠.
(٣) « المحاسن » ١ : ٢٨٥ ، ح ٥٦١ ؛ « بحار الأنوار » ٦ : ٢٣٤ ، ح ٤٨.
(٤) « سنن الترمذي » ٥ : ٢٣١ ، ح ٣٠١١ ؛ « صحيح مسلم » ٣ : ١٥٠٢ ـ ١٥٠٣ ، ح ١٨٨٧ ؛ « سنن ابن ماجة » ١ : ٤٦٦ ، ح ١٤٤٩. وقد نفت الروايات الواردة عن طرق أهل البيت عليهمالسلام أن تكون أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضراء ، كما في « الكافي » ٣ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، باب آخر في أرواح المؤمنين ، ح ١ و ٦ و ٧ ؛ « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٦٦ ، ح ١٥٢٦.