قول الصادق عليهالسلام في تأويل قوله تعالى : ( فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ * فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) (١) قال : « تبقى الأرواح ساهرة لا تنام ». الحديث (٢).
وهذا الجسم الثاني هو ظاهر الجسم الأوّل ومركبه ، وذلك باطنه ولبّه ، وإن كان الميّت من المستضعفين وأمثالهم بقيت روحه في قبره مع هذين الجسمين مجاورة للجسد الأوّل إلى يوم القيامة.
وأمّا الجسد الأوّل فهو مخلوق من عناصر هورقليا ، وهو من جنس محدّب محدّد الجهات إلاّ أنّه ألطف من المحدّد ؛ لأنّ أسفل مراتبه فوق محدّب محدّد الجهات في الإقليم الثامن من الحاوي للعجائب والغرائب. وهذا الجسد يبقى في القبر مستديرا متغيّبا في هذه الأرض كسحالة الذهب في دكّان الصائغ. وهذا هو الطينة التي خلق منها الإنسان كما قال عليهالسلام : « إنّها تبقى في قبرها مستديرة » (٣). فإذا نفخ في الصور نفخة النشور نزلت الروح مصاحبة لذلك الجسم الأوّل ، دخلت معه في هذا الجسد فخرج من قبره للحساب.
وأمّا الجسد الثاني فهو من هذه العناصر المعروفة تكوّن منها من لطائف الأغذية ، فإذا تفكّكت في القبر رجع ما فيه من النار إلى عنصر النار وامتزج بها ، وما فيه من الهواء كذلك ، وكذلك الماء والتراب ، وذهب فلا يعود ؛ إذ لا حساب عليه ولا عقاب ولا نعيم ولا ثواب ، ولا شعور فيه ولا إحساس ، ولا تكليف عليه ، ولا مدخل له في الحقيقة ، وإنّما هو بمنزلة الثوب لبسته ثمّ تركته ولبست غيره ، فافهم ».
ومنها : ما صدر عنه بعد سؤال سلطاننا (٤) ـ أدام الله سلطنته ، ورفع على جميع
__________________
(١) النازعات (٧٩) : ١٣ ـ ١٤.
(٢) « بحار الأنوار » ٥٣ : ٤٤ ـ ٤٥ ، ح ١٧.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٢٦٣ ، هامش ١ و ٣.
(٤) هناك مجموعة من الأسئلة الاعتقاديّة سألها السلطان فتح عليّ شاه من الشيخ الأحسائي ، وقد جمعت في « الرسالة السلطانيّة » ضمن مجلّدات « جوامع الكلم ».