له المسلمون على امتداد تأريخهم الطويل لم ينعدم في فترة من هذا التأريخ اتجاه ثوري قوي في إعادة الإسلام الى مجاري الحياة والقضاء على الظلم والاستغلال واستعادة حقوق الانسان المسلم وكرامته) (١).
كما حرَّرت العقيدة الاسلامية الانسان من عادة « تأليه البشر » ، كعبادة الملوك والأُسر الحاكمة ، وهي عادة كانت سائدة عند بعض الاُمم القديمة كالمصريين القدماء ، وقد أبطل الإسلام نظريات التمييز بين إنسان وآخر ، سواء على أساس الجنس أو اللغة أو اللّون أو المال أو القوة ، ومقياس التفاضل ينحصر في أُمور معنوية هي التقوى والفضيلة ، قال تعالى : ( يا أيُّها النَّاسُ إنَّا خَلقناكُم مِن ذكرٍ وأُنثى وجَعلنَاكُم شُعُوبا وقَبائل لِتعارفُوا إنَّ أكرمكُم عندَ اللّه أتقاكُم إنَّ اللّه عَليمٌ خبيرٌ) (٢).
إنّ الإسلام يحتل الأسبقية بإعلان مبدأ الحرية قبل الثورة الفرنسية بأكثر من عشرة قرون.
قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام في خطبةٍ له : « أيُّها الناس إنّ آدم لم يلد عبدا ولا أمة ، وإنّ النّاس كلّهم أحرار. ». (٣).
إلاّ أنّ الإسلام لم يجعل هذه الحرية الممنوحة للإنسان مطلقة ، بحيث يُطلق العنان للإنسان ليفعل ما يشاء ، بل جعل للحرية ضوابط وكوابح حتى لا تؤدي إلى فوضى.
ومن هنا يبرز الفرق الشاسع بين العقيدة الإسلامية التي تربط الحرية
__________________
(١) دور الدين في حياة الانسان ، للشيخ الآصفي : ٥٠ ـ دار التعارف ط٢.
(٢) الحجرات ٤٩ : ١٣.
(٣) فروع الكافي ٨ : ٦٩ ـ دار صعب ط٣.